Posted by: Zedan | 02/08/2010

هل المصريين مضطربين نفسياً؟

بدأت أسأل نفسى هذة الأيام هذا السؤال،  وأنا لا أقوم بالسخرية أو كتابة موضوع كوميدى ولكنى فعلا أتحدث عن سلوك تعدى مرحلة الظهور أو الأعراض و أصبح واقع أليم،  فما أراه فى تصرفات الناس من حولى يؤكد أن هناك شيئاً غير طبيعى يحدث للناس أو هو نتاج شىء يحدث للناس يجعلها تحيد عن المسار الطبيعى للبشر الطبيعيين.  فالعنف وعدم إحترام الأخر أصبح فى إزدياد مضطرد، وأعنى بالآخر أى آخر سواء كان قريب ، صديق، زميل أو حتى من تقابله فى الطريق ولا تعرفه.

إذا قدت سيارتك فى الشارع وتحاول جاهداً أن تسيطر على أعصابك وتحافظ على هدوئك تجد من يستفزك بدون أى سبب بل وقد يحاول أن يلحق الأذى بسيارتك لا لشىء إلا لإثبات شخصيتة وقوته التى ربما تكون ضائعة ومهانة من الناس ويحاول أن أن يجد من ينتقم منه.   مع إنى لا أستخدم المواصلات العامة لكنى قررت أن أجرب إستخدام مترو الأنفاق فى قضاء بعض المصالح فى أحد الأيام ورأيت كيف يتعامل الناس مع بعضهم وكيف أنه لايوجد أدنى إستعداد للتنازل ولو لبعض ثوان للآخر وكيف يمكن أن تصاب بالبهدلة أثناء الصود أو النزول أو أثناء التحرك داخل القطار أو حتى أثناء شراء التذكرة وتجد من يدفعك بيده أو بكتفه لأخذ مكانك بدون حتى النظر إليك.   وإذا إضطررت أن تذهب لأحد المصالح الحكومية ومطلوب منك أن تقف فى طابور تجد من يدخل فى وسط الطابور بمنتهى البجاحة غير معنى بالواقفين وعنده إستعداد للجدال والتراشق بالألفاظ أثناء الوقوف إذا حاولت تنبيهه بأن علية إنتظار دوره.

هذا ليس فى الشارع فقط ولكن أيضاً فى المناطق السكنية وبين الجيران وبعضهم البعض، فحقوق الجيرة التى كنت أسمع عنها فى صغرى أصبحت ضئيلة.   أحد أصدقائى يحكى لى أنه فى العمارة التى يسكن بها وهى فى أحد الأحياء الراقية بعض السكان لا يريدون دفع ثمن نقل القمامة التى لا تتعدى بضع جنيهات شهرياً بل ولا يريدون شراء سلة للقمامة فيضعون القمامة ومخلفات شققهم فى مصعد العمارة لتوفير هذة المبالغ وفى نفس الوقت إجبار بواب العمارة على رفعها من المصعد.   والكثير من القصص التى نسمعها عن تشاجر الجيران على أحقية ركن السيارات أسفل العمارة أو من يركن سيارته أمام مدخل العمارة ليعيق الدخول والخروج غير مراعى شعور السكان ويهتم فقط بسلامة سيارتة العزيزة.  وهذة لست فقط المشكلة، ولكن المشكلة أيضاً أن مثل هؤلاء الأشخاص لا يشعر بأى مشكلة فى الدخول فى شجار وقلة أدب وزوق مع من تسول له نفسه أن يشرح له أن ما يفعله خطأ وهو طبعا يكون جار له.

إفتح صفحة الحوادث تجدها مليئة بأخبار مقززة، ربما تكون نوعية هذة الحوادث موجودة منذ زمن ولكن فى هذة الأيام أصبحت كثيرة ومتكررة فحوادث القتل أصبحت من الأخبار اليومية وكثيرة هى أخبار القتل المتكررة داخل الأسرة الواحدة.   ألا ترى أن عنوان مثل “تقتل زوجها بمساعدة عشيقها ليخلو لهم الجو” أو “يقتل أمه وأبيه لرفضهما إعطاءه نقود لشراء المخدرات” أو “نجار/عامل/سائق ….. يقتل زميلة لسرقته ولم يجد معه غير عشرون جنيها”   مثل هذة العناوين من الأخبار الثابتة اليومية.     فكر قليلا معى فى خلال بضع السنوات الأخيرة كم مرة قرأت عن خطف الأطفال للإعتداء الجنسى أو سرقة الأعضاء،  وكم مرة قرأت عن التحرش الجنسى بالأطفال اليتامى أو المعاقين فى دور الرعاية التى من المفترض أن تحميهم!!!   أنا لا أستطيع أن أتصور أى مخلوق يقتل أو يعتدى على طفل صغير لا حول له ولا قوه.   بماذا يفكر مثل هؤلاء الأشخاص عند إرتكاب جرائمهم؟!!.   وتخيل مثل هؤلاء الأطفال الذين قد يواجهون مالايستطيع البالغين تحمله كيف سيكون سلوكهم عندما يبلغون ويشتد عودهم،   أكيد سلوك عدوانى والرغبة فى الإنتقام.

أتتذكر خبر ضابط الشرطة الذى قتل شاب فى الشارع لتشاجرهم بسبب أولوية المرور بالسيارة؟

وظواهر العنف لا تقتصر على هذا فقط وكل منا يرى أنها فى إزدياد وأنا متأكد أن كل منا له قصة يمكن أن يرويها عن مظاهر العنف التى من حولنا.  وكل هذا يؤكد لى انه هناك شىء ما يحدث يؤدى الى إزدياد هذة الظاهرة، أو ببساطة أسباب قد تكون ناتجة عن الإهمال أو الجهل أو العمد.   وطبعا مما لا شك فيه أن من هذة الأسباب الرئيسية الضغوط الإقتصادية التى يتعرض لها السواد الأعظم من المصريين.   وقرأت أنه حسب احصائيات سنه 2009 وجود فئة تقدر بحوالي 7% من الشعب تستحوذ علي 91 % من الدخل القومي و93 % من الشعب المصري تقوم حياته واستهلاكاته علي 9% من الدخل القومي.   هل يمكن لأحد إيستيعاب ذلك؟

فى العام الماضى ظهرت مشكلة سخيفة ومخجلة تناقلتها وكالات الأنباء عن مصر وكان إسمها أزمة رغيف العيش،  هل تصدقون أن دولة بحجم مصر كان فيها أزمة عيش؟    أثناء هذة الأزمة كان الناس يحاربون بعضهم بالمطاوى والسكاكين.   ونحن نتحدث هنا عن رغيف الخبز البلدى وليس الأفرنجى،  فالصراع هنا صراع على البقاء.  وبعده بفترة ليست بعيدة أزمة أنبوبة البوتاجاز،   فى سنة 2010 والعالم يتحدث عن الفضاء الإلكترونى والتكنولوجيا التى تتطور كل ساعة نحن مازلنا نحاول توفير أنبوبة البوتاجاز لتستطيع الأسر طهو الطعام لأطفالها.   وطبعا مشكلة السكن وتوفير مصاريف المدارس والملبس و……   كل هذة ضغوط إقتصادية تؤثر فى سلوك المصريين وتكون سبب رئيسى فى زيادة معدلات الجريمة والعنف الذى قد يكون مصاحبا لها أو منفرداً.

ولكن المثير أن هذة الضغوط الإقتصادية لا تطول فئة الغلابة من الناس فقط بل بسببها ظهر نوع جديد من المجرمين يسمى ب “مجرمى الياقات البيضاء”  وهم بعض الأشخاص الحاصلين على أعلى الشهادات وأكبر الدرجات العلمية كالأطباء والمهندسين وغيرهم من صفوة المجتمع.   لنتذكر قصة الطبيب الذى قتل تاجر أدوات كهربائية بمساعدة الممرض لأن الطبيب كان مدين للتاجر بمبلغ لا يزيد عن مائة ألف جنية بالرغم أن هذا الطبيب مليونير وله ثلاث عيادات وهو أستاذ جامعى وكان عميدا لكلية الطب وثروته تقدر ب 70 مليون جنية !!!!  ومع ذلك قتل التاجر وقطع جثتة إلى قطع ومثل بها وفصل رأسه وكفيه و …….

 الجهل والتخلف.  لا أعتقد أن هناك من سيعارضنى إذا قلت أن نسبة الجهل عالية ، بل هائلة فى مصر.  وفى رأى الشخصى أن الجاهل ليس فقط الذى لا يعرف القراءة أو الكتابة و لا حتى الذى لم يحصل على شهادة جامعية.   فهناك الملايين من حملة الشهادات الجامعية يتمتعون بنسبة جهل عالية وربما يستطيع القراءة والكتابة ولكنه لا يستطيع فهم ما يقرأه و لا يريد وتجده سطحى جدا ولا يعرف أى شىء عن بلده أو أى بلاد أخرى.   فالمتعلم يقرأ وعندما يقرأ يفهم وعندما يفهم يفكر وعندما يفكر يكون متحضر.   والمتحضر يعرف أن العنف سلوك غير حضارى ولذلك لا يسلكه.   وطبعا كل المصريين (وغير المصريين) نعرف جيدا أننا عندنا مشكلة ظهرت وكبرت فى العقود الأخير ألا وهى التعليم السىء الذى لا ينفع ببصلة فى هذا العصر

وربما أيضا التلوث فى الهواء والغذاء والماء من الأسباب.   أنا أقتبس جزء من مقالة نشرت فى المصرى للدكتور عبدالهادى مصباح يوم فى 31/7/2010 يتحدث فيها عن أسباب زيادة العنف فى المصريين ومنها أسباب غذائية:

*****  إقتباس  *****

أظهرت الأبحاث الحديثة أن نقص بعض العناصر الغذائية له دخل وثيق بظهور بعض الأعراض العدوانية، والميل تجاه العنف، كذلك تبين أن بعض مكسبات الألوان التى تضاف للأطعمة الخاصة بالأطفال تسبب أعراضًا لسلوكيات عدوانية، ونشاطاً غير طبيعى.

ومن الأسباب أيضاً التلوث من خلال الكيماويات والمبيدات الحشرية والسموم: وأهم مصادر هذا التلوث تأتى من المبيدات الحشرية، ومبيدات الأعشاب، وبعض أنواع الأسمدة الكيماوية، والكيماويات الزراعية بشكل عام تؤثر على نمو مخ الطفل، وعلى جهازه المناعى، وعلى الهرمونات التى تفرز من الغدد الصماء.

ولقد صرح وزير الزراعة السابق المهندس أحمد الليثى من قبل فى برنامج «القاهرة اليوم» بأن خمسة أنواع من المبيدات المحرم استخدامها دولياً كانت تستخدم فى عهد الوزير الأسبق د.يوسف والى، والبحث فى هذه الملفات القديمة إنما يكون من أجل أن نوضح أن مثل هذه الجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم أو بمرور الوقت، حيث إن تأثيرها تراكمى، واستخدامها لا يلوث المحاصيل فقط، ولكنه يلوث أيضا التربة والماء والهواء وكذلك الماشية والطيور والأسماك التى تتغذى على ما تنتجه هذه الأرض، وها نحن جميعاً ندفع الثمن، وأكثر من سيدفعون ثمن استخدام مثل هذه المبيدات هم الأطفال الذين لم تنضج أكبادهم بالقدر الكافى للتخلص من بعض هذه السموم، ولا يملكون جهازاً مناعياً قوياً يستطيع التصدى لها،   وكذلك الأجنة التى تولد لأمهات تعرضن لكميات متراكمة من هذه السموم، والتى تنتقل إليهم وتسبب ازدياد نسبة الإجهاض، وولادة أطفال مشوهين ومعاقين، وتزيد عندهم نسبة حدوث الأورام السرطانية، بالإضافة إلى الاختلال الهرمونى الذى يحدث، ويسبب حالات من العدوانية والسلوك المضطرب لدى هؤلاء الأطفال، وضعف القدرة الجنسية لديهم ونقص الحيوانات المنوية، وازدياد نسبة حدوث العقم فى الجنسين، هذا بالإضافة إلى حالات الحساسية المزمنة التى لا تستجيب لأى نوع من العلاج

 ***** (*) *****

وقد يكون إرتفاع درجات الحرارة والهواء المشبع بالرصاص والكربون من عوادم السيارات والقمامة فى جوانب المناطق السكنية التى تنفث روائح تصيبك بالإغماء والمجارى التى تنفجر من الأرض لتجرى فى الشوارع من أسباب زيادة العصبية والعنف.

   العنف الذى نراه ليس فقط فى الشجار والتشابك فهو له صور أخرى.   فمثلا فى محيط العمل تجد الزملاء يعتدون على بعضهم ،  ليس بالأيدى ولكن بصور أخرى كالظلم والإشاعات والمكائد .  قد يكون البعض من هؤلاء يفعل ذلك لمصلحة شخصية ولكنى رأيت الكثير من يستمتع بذلك وهو لن يستفيد شخصياً بشىء، فهنا من يحقد على زميلة المجتهد فيرسل شكوى كيدية أن زميله يسرق مثلاً أو على علاقة عاطفية بإحدى الزميلات.   وهناك من يستمتع بنشر الفتنة بين الفريق ورئيسهم و يشجع الإنقلاب والإعتراض عن ما هو غير حقيقى و لا يأبه بأى أثار سلبية على المؤسسة أو الفريق أو أى أحد ,  وما هى إلا متعة شخصية.

وفى رأى الشخصى أن سمة العنف فى المصريين ما هى إلا إضطراب نفسى ويحتاج خبراء نفسيين لمعالجتهم من أثار الفشل الإقتصادى والإجتماعى والإدارى وأهمها الظلم فى العمل والمتجر والشارع وفى كل مكان.        فالمصريون يربون أبنائهم على العنف وأخذ حقهم بأيديهم والبدء بالأذى حتى يستطيعوا البقاء فى هذا العالم لإحساسهم بالظلم وإعتقادعم أن الظالم لا يردعه سوى القوى العنيف الذى يسبق بالأذى.    وأنا أشعر أن هذا الإضطراب مع الوقت سيتحول إلى مرض نفسى وربما إلى جنون،   وعندما يصل الأمر إلى الجنون ستكون غابة والغابة لها قوانين الوحوش ولا ينفع فيها قانون الإنسان.

إقرأ أيضاً  %17 من المصريين يعانون من الأمراض النفسية


الردود

  1. […] يوم 2/8/2010 كتبت تدوينة عنوانها هل المصريين مضطربين نفسياً؟ أشرح فيها وجهة نظرى فى أن نسبة كبيرة من المصريين […]

  2. […] هل المصريين مضطربين نفسياً؟ […]


أترك تعليقـك هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

التصنيفات

%d مدونون معجبون بهذه: