هذة الأيام كثر الحديث عن ظاهرة العنف فى المدارس، وتجد وسائل الإعلام أصبحت جميعها مهتمة وتتصيد الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع – والعنف ليس ظاهرة حديثة بل هو ظاهرة قديمة وتفاقمت لتصل إلى هذة الصورة وسوف تنفجر إذا ظلنا غير مهتمين بالمجتمع لحساب أوليات أخرى .
وأنا كأى شخص عادى أقراء الصحف اليومية المطبوعة أو الإلكترونية لاحظت ان الموضوع تطور من كونه عنف بين التلاميذ فى المدارس، أو القسوة فى العقاب من المدرسيين إلى عنف بين أولياء الأمور والمدرسين والمدرسين بين بعضهم و تحرشات جنسية وإغتصاب ليس فقط من المدرسين ولكن بين التلاميذ أيضاً، ففى خلال الأسابيع القليلة الماضية أتتنا الصحف اليومية بموجة جديدة من أخبار العنف والتحرشات الجنسية داخل المدارس (ليست الثانوية فقط، بل والأعدادية وألإبتدائية أيضا) بعد موجة أخبار التحرش الجنسى للفتيات والسيدات فى الشوارع.
هذة عينة من الأخبار فى خلال الفترة الماضية:
مدرس يتهم والد تلميذة بضربه.. وأسرة تسب مديرة مدرسة فى الغربية – المصرى اليوم
تقرير: 100 حالة عنف بالمدارس المصرية منذ بدء الدراسة -جريدة الوسط اليومية – 20/10/2010 (شهرين منذ بدء الدراسة!!!)
تلميذ فى ابتدائى يضرب زميله بمطواة.. ومدير المدرسة لوالد المجنى عليه: روح اشتكينى لكلينتون! – اليوم السابع – 22/10/2010
مدرس يغتصب تلميذ إبتدائى لمدة أربعة أيام داخل مدرسة وصوره عارياً وهدده بفضحة أمام زملائه – الأهرام – 5/11/2010 (المدرسة أصبحت مصدر تهديد للتلاميذ !!!!!!).
8 أطفال شوارع يقيمون حفلة اغتصاب لطفل بجوار مسرح البالون
تقرير حقوقي أعده المركز المصري لحقوق الانسان: وجود 14 ضحية في الشهر الأول من الدراسة خلال عام 2010، و6 حالات انتحار، و13 حالة طعن بالمطواة، و33 حالة عنف من المدرسين والمديرين ضد التلاميذ، و15 حالة عنف من أولياء الأمور ضد المدرسين والمديرين والنظار، و7 حالات تعدى من الطلاب على مدرسيهم، و5 حالات عنف من أولياء أمور ضد زملاء أبناءهم، و7 حالات عنف وقتل طلاب ضد زملائهم. وأشار التقرير إلى تعدد أنواع العنف سواء من المدرسين ضد الطلاب، أو ضد المديرين، أو من الطلاب نفسهم ضد المدرسين، أو من أولياء أمورهم ضد المدرسين، ونبه التقرير إلى نوع جديد من العنف وهو الموجه من أولياء الأمور ضد زملاء أبنائهم في الدراسة،بحسب صحف محلية الاربعاء
جرب أن تقوم بعمل بحث على جوجل عن ثلاث كلمات فقط “عنف مدارس مصر” وسوف تفاجأ بكم نتائج البحث التى سوف تعرض وستجد أن هناك من يتحدث عنه منذ سنوات وليس فى الآونة الأخيرة فقط. ولكن مالذى يحدث ويؤدى إلى مثل هذة الظواهر؟ هناك شىء ما يحدث ويكبر مع الوقت يؤثر فى مجتمعنا ويحوله إلى هذة الصورة، وبهذا المعدل الذى تغير فية المجتمع خلال العشرين سنة السابقة سنجد أن الوطن الذى نعيش فيه ليس هو الوطن الذى ولدنا فيه، فأنا أقول لأصدقائى أننى اشعر أن البلد الذى أعيش به ليس هو البلد الذى نشأت وتربيت فيه- بمعنى أننى أجد أن ما أراه الأن فى سلوكيات الناس والإزدحام والتدافع اليومى ولإنشغال بلقمة العيش ليلاً ونهارا مكان أخر غير الذى فى ذاكرتى أيام صباى ، مصر كان لها دائما طابع خاص يميزها عن باقى البلدان وهوية تميزها عن باقى البلدان العربية الشقيقة ولكن الأن تغيرت فالطابع المصرى القديم غير موجود و لكن مازلنا مختلفين عن باقى البلدان ولكن فى أشياء أخرى.
ولنعد إلى الشىء الذى أشعر أنه غير فى طبائع الناس ليجعلهم بهذة الكيفية – ماهو؟ – هل هى الحالة الإقتصادية – هل هى الحالة الإجتماعية – هل هى البيئة الغير نظيفة – أم بسبب الفساد الإدارى والإجتماعى الذى أصبحا شىء عادى؟ الحقيقة أن السبب الحقيقى هو كلها مجتمعة وأعتقد أن السبب الأكبر هو الضغوط الإقتصادية،.
فعندما يكون المواطن تحت ضغط العوز وعدم المقدرة ربما يفقد أعصابة مثلما سمعنا عن حوادث القتل بسبب تعاملات مالية لا تزيد عن المائة جنيه، وعندما ينشأ الطفل فى مجتمع غير مترابط إجتماعيأ ولايوجد به تراحم يلقن تلقائيأً أن العنف هو الوسيلة المضمونة للبقاء، وعندما يعيش الإنسان فى بيئة غير نظيفة ومصابة بكل أنواع التلوث ربما يفقد عقلة ويميل للعنف (راجع أثر التلوث فى التدوينة التى كتبتها يوم 2/8/2010 بعنوان هل المصريين مضطربين نفسيا؟ عن إزدياد العنف بين المصريين ) . وعندا تتعرض لظلم بسبب الفساد أو تجد من يأخذ حقك بسبب المحسوبية قطعا ستميل للعنف. وعندما تجد أن القيم من حولك منعدمة، والأخلاقيات إنحطت وإنعدام الذوق والتحضر سائد ستجد نفسك تصارع القطيع لتبقى وربما تتحول لتكون مثلهم!!
المشكلة أن الناس أصبحت لا تشعر بأن العنف سمة فى المجتمع والذى أصبح جزء من حياتهم اليومية، فالعنف ليس بالضرورة يكون فى صورة ضرب أو قتل أو إغتصاب ، فهو الأن فى كل التعاملات اليومية بين الناس ما بين التدافع، عدم إحترام مشاعر الغير، الصوت العالى، الردود البايخة،ونظرات الإحتقار بين الناس لبعضهم. جرب أن تأخذ أجازة يوم فى وسط الأسبوع وأمشى فى شوارع القاهرة وركز فى سلوكيات الناس فى الموصلات العامة أو فى القيادة أو فى الأسواق …… ستجد أن شيئأ غريبا ربما لم تكن تشعر به لأنك تعيش فى نفس الدوامة وتضطر أن تكون مثلهم.
فى الأسبوع الماضى كان هناك أحداث بلطجة داخل جامعة عين شمس – ناهيك عن ما يقال من أن أساتذة جامعة القاهرة إقتحموا الجامعة وأن الطلبة (البلطجية) كانوا غيورين على جامعنهم ومن هذا القبيل من الكلام الفارغ، هل يمكن التصور أنه يوجد جامعة فى أى بلد فى العالم يرتع فيها البلطجية بالسلاح الأبيض داخل الجامعة – أنا لا أستطيع تصور أى جامعة فى العالم بهذة الصورة.
وطبعا لا آتى بجديد عندما أقول أن السبب هو التربية فى البيت ولإستهتار فى المدرسة والمستوى (الواطى) الذى يشمل فئة كبيرة من المدرسيين والتربويين وعدم الإهتمام بالمحتوى الذى يقدم للأطفال والشباب من خلال الإعلام والسينما (هل تتذكرون الطفل الذى ذبح أخوه الأصغرلأنهم كانوا يقلدون فيلم).
هناك دراسة منشورة على موقع وزارة التربية والتعليم قامت بها باحثة للمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية ملخصها يقول:
أن العنف المدرسى فى مصر لا يصل بحال إلى مستوى الخطورة أو إلى السلوك النمطى المتكرر . ففى كل صور العنف التى تم دراستها بين تلاميذ المدارس جاءت النسب مؤكدة أن ممارسة العنف قليلة لم تزد عن 30%.
أن صور العنف بين الطلاب لم تتحول فى المدارس المصرية إلى الصور الأشد قسوة التى توجد فى بلدان أخرى. فصور العنف فى مصر ما تزال صور بسيطة.
أن العنف خارج المدرسة بين الطلاب أكثر تكرارا من العنف داخل المدرسة
بغض النظر عن صحة الأرقام التى استندت إليها الباحثة، فهى ترى أن العنف المدرسى بنسبة 30% وفى وجهة نظرها نسبة بسيطة (حرام عليها) تخيل مثلاً أن هناك مدرسة بها 100 تلميذ منهم 30 يمارسون العنف – هل هذا شىء عادى؟!! ، والمثير للدهشة أن الدراسة منشورة فى موقع وزارة التربية والتعليم (واضح أنه مفيش فايده) يمكنك قرائتها من هنا
عموماً لقد مللت من التفكير فى مثل هذة الظواهر التى تصيبنا وأترككم تفكرون فيها بالنيابة عنى
[…] ليس عنف فقط بل أكثر […]
By: زيــــــدان اون لايــــــــن on 11/12/2010
at 6:00 مساءً