شىء جميل عندما تشعر أنك تعيش فى مجتمع واعى ومثقف ويؤمن بالحرية والديموقراطية والعدالة وفى نفس الوقت يحافظ على دينة وتقاليدة. وهذا طبعا لم ولن يحدث فى يوم من الأيام فهذا الشعور ما هو إلا أمنية أو حلم. أنا أعرف الكثير من أصدقائى أو زملائى أو حتى معارف كانوا لا يعلمون شيئاً عن السياسة أو شىئ أخر سوى شىء معين يناسب إهتماماتهم أو بمعنى أصح أكل عيشهم ومزاجهم. وإذا فى وقت ما تحدثوا بالسياسة تجد كلامهم سطحى جداً ولا يتعدى نقل بعض الأخبار سواء إشاعات أو حقائق سمعوها على القهوة أو عنوان مثلاً على شريط ألأخبار وهكذا فهم يرددون ما يسمعون وربما لا يفقهون ولكن كعادتنا نحب أن نتفاخر بأننا نعلم المستخبى ونجبر من نتحدث إليه أن يرضخ ويستمع لرأينا. وبقدرة قادر أصبحوا فى هذة الأيام محللين سياسيين ومفكرين وباحثين فى التاريخ ومعترضين بل وناصحين أيضأ – ومازالوا ينقلون الأخبار على الشبكات الإجنماعية بدون تفكير – (نفس منطق التفاخر) .
ربما قابلت فى حياتك شخص أو مؤسسة نجحت فى جذب الزبائن فتجد من يقلده أو يقدم ما يقدمة مع ميزة أعلى فيأخذ جزء من زبائنة ، ثم يأتى ثالث ورابع وهكذا ، وما زالوا كلهم يعملون و يتنافسون. هذا ما ينطبق الآن على شعب الفيسبوك وتويتر، فمعظمهم كان يكتب عن شىء فارغ بدون معنى أو حتى لايكتب ولكن فى هذة الأيام بعد سهولة الإتصال بالإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعى المجانية وطبعا بعد قيام الثورة وحرية الشتم والسب أصبح من السهل جداً أن تجلس خلف جهازك وتكتب ما تريد على لوحة المفاتيح ولست مضطراً أن تواجه من تكلمة وجها لوجه، وإذا ما أراد شخص ما أن يخالفك الرأى فأنت بكل بساطة تستطيع حذف مايقول أو تمنعه من التعليق على ما نقول فيظهر كلامك أنه هو الصواب ولا يوجد من يعارضك.
شبكات التواصل الإجتماعى شىء جميل جعل لكل منا المساحة للكتابة والتعبير ولكن لا يجب أن نصدق كل مايكتب أو نتناقله بدون تفكير. أنا شخصياً أعرف أكثر من شخص منذ سنوات، منهم من كان زميل دراسة، ومنهم زميل عمل ومنهم من هو صديق لصديق وهم متنوعون فمنهم ذو التوجهات الإسلامية السلفية ومنهم الليبرالى العلمانى ومنهم من يلقط رزقة من هنا وهناك.
الأول مثلاً لا يجد غضاضة فى الدفاع عن الناشطين حتى لو كان معروف عنهم أنهم لواطيين أو يدعون لحرية زواج الشواذ وفى نفس الوقت يدعوا للأخزاب الدينية ويشن حرباً على من يعتبرهم الكفار من العلمانيين، والثانى مثلاً أصبح يطعم كتاباتة بآيات قرآنية ويقول سحقاً للمتاجرين بالدين ويقول إسقاط المجلس العسكرى واجب شرعى مع أننا نعرف جيداً أنه أبعد ما يكون عن الدين. والثالث اللى بيلقط رزقه من مصلحة هنا أوهناك أصبح ذو رؤيه سياسية وإقتصادية.
تغيير الأفكار وتنوير العقول شىء صحى ومطلوب ولكن ما أراه هو ليس تنوير بل سعى لأخذ نصيب من شىء كان لا يقدر ولا يفقه فيه. فأصبحنا كلنا محللين سياسيين ومفكرين وناصحين. هم أمثلة من الكثير ويشتركون جميعا فى رفض الرأى الآخر. فإذا إختلفت مع أحد منهم فى رأى وبدأت النقاش العقلانى معة تجده إنقلب عليك ورفض الإستماع لك وخونك وإذا أكثرت ربما شتمك. وما يضايقنى كثيراً أن أجد أحد مثقف ومتعلم ولا يفكر، بل يردد كالببغاء فقط.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة».
الرويبضة هو الخامل الفاسد الماجن، وقد كان قبل ذلك حقيرًا مهينًا لا يجرؤ على الكلام ولا على التصرف وليس له رأي ولا يلتفت إليه لصغاره ونذالته وهوانه، لكن عند انقراض الصالحين وذهاب أهل العلم يترأس في الناس أراذلهم ويكون لهم الأمر والنهي والتصرف حتى يأتي أمر الله تعالى.
أترك تعليقـك هنا