العالم حولنا يتغير كل يوم بسرعة رهيبة ومقلقة، منذ بضعة أيام كنت أقرأ الجريدة فى أحد المقاهى مع فنجان القهوة ثم تلقائيا أمسكت تليفونى المحمول لأستعرض بعض المواقع الإخبارية ومعرفة الجديد وأخبار المعارف والأصدقاء من خلال شبكات التواصل الإجتماعى, وهى عادة أمارسها كثيرا عندما أجد وقت فراغ وفى المرة الأخيرة سرحت قليلاً وأنا أنظر إلى تليفونى وكم المعلومات التى قرأتها وكتبتها على الفيسبوك خلال الساعة أو الساعتين فى المقهى وتذكرت كيف كنا نتعامل على الإنترنت منذ سنوات قليلة وكيف كان إستخدام متصفح الإنترنت والبحث فى المواقع يعتبر خبرة تقنية عظيمة لا يمتلكها الآخرون سواء تقنياً أو مادياً.
رفاهية مسجلات الفيديو VCR
وجلست أسترجع ذكريات سابقة حول هذا منذ صغرى حتى الآن، وتذكرت عندما كنت أبرمج أجهزة عرض الفيديو الذى كان من الرفاهية المتاحة للقليل، وكان الجيران فى العمارة يأتون إلينا ويطلبون من أبى أن أذهب إلبهم لأساعدهم فى برمجة الفيديو لعرض الأفلام أو التسجيل من التليفزيون فنحن كنا أول من إشترى هذا الجهاز العظيم ولدى الخبرة 🙂 هل تتذكرون كيف كان التلفزيون فى السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات ممل. كان ينهى الإرسال فى الساعة 12 مساء ويبدأ فى اليوم التالى 10 صباحا وكانت البرامج معظمها تافه وكانت الأفلام معادة لدرجة اننا حفظناها من التليفزيون وبرامج الأطفال كان غاية فى التفاهة. وكان هناك يومين مهمين لى ، السبت والأربعاء، فالأول كان فى سهرته (الساعة العاشرة يعنى) يرنامج نادى السينما ويعرض كل أسبوع فيلم أجنبى والثانى كانت سهرته برنامج إخترنا لك الذى كان فيه فقرات عن أى شىء فى أى شىء ويختم بحلقة أجنبية. لم يكن هناك بديل وكنا نعرف فقط ما كان يعرض.
ثم بدأت عملية التسجيل من التليفزيون وإعادة مشاهدتها عندما يقطع الإرسال (كان إحساس عظيم أن تكون البيوت كلها ليس بها إرسال تليفزيونى وأنت الوحيد الجالس تشاهد فيلم أو برنامج على الفيديو) وظهرت نوادى الفيديو التى إنتشرت ولاقت رواجاً كبيرا (ومكسب أيضاً) فى الثمانينيات والتسعينيات فقد كانت فرصة عظيمة لتأجير ومشاهدة أفلام كثيرة حتى الصباح فى أيام الأجازات.
الدش – عضو العائلة الجديد
فى أوائل التسعينيات فى مصر بدأ إنشار أجهزة إستقبال القنوات الفضائية وأطباق الإستقبال (الدش والريسيفر)، وكان علية القوم فقط هم من يستطيعوا الحصول عليه بالرغم أنه لم تكن هناك قنوات مصرية أو عربية بل قنوات أوروبية فقط. وكانت شى عظيم نسمع عنه ولم أراه بعينى فأنا لم أستطع الحصول عليه فى حينه ولم يكن فى دائرة معارفى من يملكه، وفى يوم كنت أشترى أشياء من معرض قى مدينة نصر وفى مدخل المعرض كان هناك جهاز تليفزيون يعرض أشياء غريبة ليست بالتليفزيون المصرى ومقدمى البرامج ليسوا بمصريين، فسألت أحد البائعين عن هذا الشى، أهو فيديو أم ماذا؟ فقال لى ” ده دش ” فكنت سعيداً أننى قابلت هذا الدش وجهاً لوحه وبادرته بالسؤال “بكام ده ” فرد على بـ “عشرين ألف” وطبعاً كانت مفاجأة صاعقة فرددت عليه “ده غالى قوى، ده على كده ممكن عمارة بحالها تشترك فية ويركبوه ويبقى مشترك بينهم” فلم يجاوب ونظر لى نظرة كما يسميها المصريين “بص لى من فوق لتحت”. هل تعرفون عشرين ألف فى أوائل التسعينيات كم تساوى؟ كان يمكنك أن تعمل بها الكثير. كان يمكن أن تشترى بها ما تشترية الآن بمائة ألف. والآن الأطباق وأجهزة الإستقبال فى كل بيت، فى كل مقهى وفى كل مكان وبرخص التراب.
وبالمناسبة ، أتذكر أنه عند إنتشار الدش وأصبح ثمنه يساوى ثمن أجهزة الفيديو أو أقل منها كان الناس يعزفون عن شرء الفيديو أو تأجير الأفلام، فالآن أصبح التليفزيون متاح 24 ساعة وهناك قنوات تعض الأفلام والمسرحيات والتمثيليات مجاناً. وقبل ذلك كان عليك أن تحجز الفيلم أوتتدفع إيجار أكثر لحجز الفيلم لتراه بعد يومين أو أكثر وكان أصحاب نوادى الفيديو لا يهمهم إذا أجرت منهم أم لا فزبائنهم كثيرون. ولك أصبحوا لا يجدون مشتركين وأصبحوا يرسلون مندوبين بشنط الأفلام للبيوت لتأجر منهم وكانت الأفلام تسجل على شرائط VHS و Betamax. أنا شخصياً أتذكر نادى الفيديو الذى كنت أؤجر منه فى بضعة شهور أغلق المحل وأخذه واحد لبان يبيع اللبن والزبادى.
الكومبيوتر والإنترنت والشات
فى الخمسة عشر سنة الأخيرة حدث تطوير غير عادى فى تكنولوجيا إتصالات البيانات والحاسبات والإنترنت ، وأقصد هنا بأنه غير عادى مقارنة بالدول المحيطة فى عالمنا العربى. وأتذكر أنه فى أول مرة رأيت فيها متصفح الإنترنت كان فى عام 1996 وكان أول موقع أراه هو ياهوو محرك البحث. كان عالم غامض نقرأ عنه فى الجرائد ونسمع عنه من خلال برامج التليفزيون. وفى هذا العام كان بداية إستخدام العامة لتلك الشبكة حتى لو كان عدد محدود، وبالطبع لم تكن الشبكة العالمية لتنتشر فى مصر لولا أجهزة الكمبيوتر التى كانت متاحة للأفراد والشركات والمنظمات.
فى أواخر الثمانينيات إحصلت على أول جهاز كمبيوتر منزلى. ففى هذة الأيام كانت أجهزة الكمبيوتر الشخصية التى يستخدمها الأفراد (أى شخص واحد وليست الحاسبات الضخمة التى تستخدمها المنظمات) كانت تصنف إلى قسمين – الحاسبات المكتبية (Desktop) والحاسبات المنزلية (Home). وكانت الحاسب المنزلى هو المنتشر بين تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات وبعض الأشخاص الذين يتوقون إلى إكتشاف هذا العالم. كان أول حاسب حصلت علية كان من طراز Commodor 64 وكان مثله مثل الحاسبات المنزلية الأخرى عبارة عن لوحة مفاتيح تحتها لوحة الحاسب وتباع وحدها ويمكن أن تشترى لها مرقاب (مونيتور) منفصل ولكن الأغلبية العظمى من مستخدميها كانوا يوصلونها على جهاز التلفاز الملون فى البيوت. كان هذا الطراز منافس قوى لطرازات أخرى مثل Sinclair ZX Spectrum و Texas و صخر MSX فى منتصف الثمانينيات. وكان لكل طراز برنامج التشغيل الخاص به والبرامج التى تعمل عليه فقط وبالطبع كان عليه ألعاب كثيرة ممتعة.
كل الحاسبات المنزلية كانت تتيح لمستخدميها لغة برمجة واحدة فقط وهى لغة البيسك والتى كانت عبارة عن أوامر متتالية على سطور متتابعة لكل سطر رقم يتم تنفيذة بالتتابع من الرقم الأصفر للأعلى وبدأت هذة الأجهزة المنزلية فى الإندثار وبدأ نجم الأجهزة الشخصية Desktop فى السطوع مثل أجهزة Apple و IBM وبدأ الإنتشار الرهيب لأجهزة الحاسب المتوافقة مع IBM والتى تعمل بنفس نظام التشغيل DOS ولغات البرمجة الأخرى حتى أصبحت هى معيار الحاسبات المكتبية والمنزلية ، ومن عاصر هذة الفترة يتذكر التطور الذى حدث لهذة الأجهزة عام بعد عام وكيف المهندسين كانوا يتهافتون على البحث عن دورات تدريبية للتعلم على إستخدامة وبرمجتة أملاً فى الحصول على وظيفة أفضل وكان طلبة الهندسة القادرون يشترون الأجهزة لتعلم البرمجة فى البيوت وعمل التقارير والمشاريع والتصميمات الهندسية عليه.
فى عام 1992 أردت أن أشترى كمبيوتر جديد أقوم علية بعمل المشاريع وتعلم لغات البرمجة أثناء دراستى للهندسة وطلبت من والدى شراء الكمبيوتر الجديد وأقنعته بالموافقة، وهو لم يكن جهازى الأول فكان قد إشترى لى جهازين كمبيوتر قبله ولكنه وافق، وأشتريت الجهاز بعشرة آلاف وستمائة جنيهاً – هل تتصورون سعر هذا الجهاز وفى هذا العام !!!! هذة العشرة آلاف كان يمكن أن اشترى بها سيارة فى هذا الوقت وكنت أيامها مازلت طالب ولكنى فضلت شراء الكمبيوتر عن شراء السيارة ووافق أبى رحمة الله عليه – وفى وقتها كان أحدث وأقوى من حيث مواصفات الكمبيوتر. ولتندهش إذا ما عرفت أن مواصفات هذا الجهاز الباهظ الثمن كان: Pentium 486 DX 33, 1MB RAM, HDD 120MB, VGA 256, VGA Color Monitor وكان بدون CD-ROM هذا الجهاز بهذة المواصفات يمكن أن تشتريه هذة الأيام بخمسون جنيهاً على الأكثر.
كان جهاز الكميوتر المحمول (لابتوب) حكراً على رجال الأعمال (الكبار) أو الموظفين الكبار فى الشركات العملاقة. أتذكر عندما كنت أعمل فى إدارة نظم المعلومات فى إحدى الشركات الكبيرة فى عام 2001 كنا نشترى جهاز اللابتوب ذو الإمكانيات العادية بخمسة عشرة إلى ثمانية عشرة ألف جنيهاً، والآن اللاب توب أصبح شىء شخصى جداً يلازم كل الأشخاص أفراد وموظفين وطلبة وحتى الأطفال فى حياتهم اليومية.
الإنترنت وما أدراك ما الإنترنت، لقد أصبحت محور حياتى أستخدمها 24 ساعة فى اليوم منذ أن أستيقظ حتى أنام فهى فى غرفتى وفى مكتبى وحتى فى يدى من خلال تليفونى، أينما ذهبت فأنا متصل بالإنترنت.
فى الماضى كان الإتصال بالإنترنت شىء ليس باليسير وكان أول ماظهر الإتصال بالإنترنت كان عن طريق التليفون (دايل أب) وكان مجلس الوزراء فقط هو من يقدم الخدمة وبدأت شركات خاصة بتقديم الخدمة مقابل إشتراكات شهرية للأفراد والشركات. بالنسبة لى وأصدقائى كان لنا علاقة بالكمبيوترات والإنترنت بحكم تخصصنا وعملنا وكنا نحصل على أرقام تليفونات يمكن الإتصال بها للدخول غلى الإنترنت بدون كلمة سر إما من أرقام مجلس الوزراء أو الشركات الجديدة التى كانت فى المرحلة التجريبية وكان شى جميل حيث أننى كنت لا أدفع مقابل هذة الخدمة ولكنى إستفدت منها كثيراً لأننى تعلمت أشياء كثيرة لم تكن متاحة للكثير. ولكن أيامها الدخول على الإنترنت لم يكن بهذة السهولة فكان يلزمك شراء موديم وتعريفة على الكمبيوتر وهى شىء لم يكن باليسير مثل هذة الأيام فأيامها كانت الويندوز عقيمة وكان يلزمك خيرة تقتية لتعريف الأشياء التى ستوصل بالكمبيوتر فمثلاً عند تعريف الموديم وإنزال الدريفر كان يجب أن تعلم رقم IRQ الذى ستستخدمة ويجب أن لا يتعارض مع أرقام أخرى فى الجهاز وكان هذا شىء مزعج لأنه كان كثيرا ما يحدث تعارض (Conflict) ولا تعرف ما هو السبب وكان هذا الحال أيضاً مع كروت الشبكة.
وعندما يكون جهازك مستعد للإتصال كان يجب أن تتصل أكثر من مرة قد تصل إلى عشرة مرات أو أكثر حتى تسمع التون من الموديم الأخر ويبدأ الإتصال ، وكان شىء عادى أن تجد الرقم مشغول وتعيد الكرة حتى تستطيع الدخول. وما أن دخلت وتبدأ فى التصفح تجد معلومات مثيرة من حيث سهولة الوصول إليها فهى شىء كان يجعلك تعبر الحدود وترى مالم تراه. وكان إستخدام الإنترنت فى معظمة عبارة عن قراءة البريد (إذا كان لديك بريد) وإستخدام محرك البحث “ياهوو” الذى كان تقريباً الوحيد وبالطبع الشات. الشات (أو الدردشة) كانت شى محورى للشباب أيامها فلم تكن هناك شبكات إجتماعية مثل الفيسبوك ولا منتديات أو مثل هذا ولكن الشات كان يسمح لك بالتعرف على أناس كثيرة من دول مختلفة ربما لم ولن ترى كيف يكون شكلهم.
أيضاً المواقع الإخبارية العربية أو المصرية كانت معدومة ثم بدأت قليلة وليس مثل هذة الأيام التى تتفجر بالمواقع الإخبارية والمنتديات وتحميل الكتب والبرامج والشبكات الإجتماعية والبريد وبالطبع كليبات الفيديو التى تكون آنية مع أى حدث ومعرفة أى شىء. من عاصر بدايات الإنترنت مثلى فى مصر ويرى كيف هى عليها الآن يعرف كيف كان الماضى والحاضر.
أنا أستخدم الإنترنت على تليفونى يومياً ولم أكن أتصور أن التطور سيصل لهذا، فعندما بدأت خدمة التليفون المحمول وبعدها بفترة توافر خدمة إرسال الرسائل القصيرة SMS كان شىء عظيم وكنت أنا وأصدقائى مستمتعين بهذة التكنولوجيا للتواصل لكنها كانت أيامها مكلفة أيضأ. فى هذة الأيام تستطيع تقرياً عمل كل شىء من جهازك المحمول ، عندما يكون تليفونى فى يدى أشعر أننى متصل بالدنيا وأصدقائى وعملى ، أعرف أخر الأخبار وكيف هى الدنيا بل واستطيع أن أصور ما آراه وأشارك من أعرفه بما أعرفه.
أول موبايل أشتريه فى حياتى Nokia 5110 فى 1997 كان أيامها تكنولوجيا رهيبة، يسجل الأسماء على السيم كارد فقط (100 رقم) وتقريباً 20 رسالة فقط ، كنت أحبه جداً.
السيارات من رفاهية لأمنية لسلعة مستهلكة
فى هذة الأيام السيارة أصبحت شىء أساسى، وأصبح معظم الناس يمتلكون السيارات، فالسيارة هذة الأيام أيضاً أصبحت مثل التليفونات المحمولة (الموبايلات) يغيرها اصحابها كل بضعة شهور. والسيارات أصبح بها من تكنولوجيا ووسائل ترفيه تتغير عام بعد عام وأصبح من المعايير الأساسية لإختيار السيارة هو الخيارات المتاحة بها (أوبشنز) وليس إمكانياتها فقط.
كانت السيارات تقريباً كلها مثل بعض لأن الناس معظمها كان مثل بعض والغالبية العظمى كانت سيارات أوروبية مثل بيجو وفيات أو روسى مثل لادا و نيفا أو يابانى وطبعاً المرسيدس التمساحة. أول سيارة ركبتها كانت بيجو وكانت بالأساس سيارة والدى رحمة الله عليه وأتذكر كيف كنت دائما أقضى عطلة نهاية الأسبوع عند الميكانيكى أو عند السمكرى وأصبحت صديقاً للميكانيكى أزوره كل أسبوع لإصلاح شىء جديد فى السيارة، وبالطبع أصبحت بالتالى خبير فى ميكانيكا السيارات وعلى معرفة بأماكن بيع قطع الغيار وأسعارها والأصلى من المضروب.
عندما أرى كم السيارات التى تسير بالشوارع ومعظمها مجهز بوسائل الراحة مثل تكييف الهواء والزجاج الكهربائى والباور ستييرينج ، ووسائل الأمان مثل الوسادات الهوائية ومانع الإنزلاق للكابح وما إلى ذلك من الإمكانيات التى لا تخلو منها أى سيارة حديثة – وأسترجع كيف كان الحال منذ خمسة عشرسنة أسأل نفسى كيف كنت أقود السيارة فى الصيف الحار بدون تكييف، كيف كنت أسير بسرعات عالية بدون حزام أمان أو مكابح فعالة.
عندما أذهب إلى مركز الصيانة لعمل الصيانة الدورية للسيارة وإجلس فى الإستراحة أشرب القهوة وأقراء الجريدة أتذكر كيف كانت سيارتى تتعطل فى وسط الطريق أثناء ذهابى للعمل صباحاً وأضطر إلى أن خلع الجاكيت وفك ربطة العنق (الكارافنة) وتشمير القميص لإصلاح شىء فى الموتور أو البحث عن ميكانيكى أو إستجداء أحد أصدقائى لنجدتى. عندما أتذكر كل هذا أضحك وأفتقد هذة الأيام، وأضحك أكثر (وربما أبكى) عندما أتذكر كيف كنت أيام الدراسة أملأ تانك البزين بخمسة جنيات والآن أملئها بخمسة وسبعين جنيهاً، وعندها أيضاً أتذكر طوفان السيارات الذى يسير الآن فى الشوارع وكيف كانت مصر الجديدة ومدينة نصر وما أصبحت عليه الآن. وفى الماضى كانت السيارة أصل تحافظ عليه لعشرة أو عشرين سنة والآن أصبحت السيارة سلعة إستهلاكية تغيرها كل ثلاث أو أربع سنوات فقط للتجديد وشراء الحديث.
عادات الشراء والتسوق
حتى عادات الشراء وشكل المحلات والبضائع والبائعين تغيروا. كل منّا يتسوق أو يشترى البضائع من وقت لآخر، مع أصدقائى كنا عندما نريد أن نشترى ملابس جديدة ، كنا نذهب إلى أماكن معينة بها محلات الملايس لنرى المعروض ونشترى منه. ففى مصر الجديدة مثلاً كانت هناك منطقة روكسر المليئة بمحلات الأحذية والملابس، وكان هناك منطقة صلاح الدين والكوربة، والبعض كان يذهب إلى وسط البلد وشارع الشواربى وقلة كانت تذهب للزمالك. وكانت محلات الملابس إسمها محلات الملابس الجاهزة ، وكلمة الجاهزة كانت مستخدمة للتفرقة عن التفصيل حيث كان الكثير يلبسون بنطلوناتهم وقمصانهم والبدل تفصيل وكان الكثير من الناس لهم الترزى الخاص بهم لايلبسون إلا ما يفصله لهم.
وايضاً فى مصر الجديدة إذا كنت تريد أن تشترى أدوات منزلية أو مفروشات كان عليك الذهاب إلى عمر أفندى أو صيدناوى أو ميدان الجامع، وهكذا. (هل تتذكرون عمر أفندى وصيدناوى وشملا ومثل هذة الأسماء؟). كل هذة الأماكن مازالت موجودة ولها زبائنها ولكن فى فترة العشرة سنوات الأخيرة كثرت المولات والسوبر ماكت وأصبح معظم الناس يستسهلون الذهاب إلى المول لشراء معظم إحتياجاتهم من مكان واحد ، وتناول الطعام والمشروبات. أنا لم أعد أذهب إلى محل البقالة بل أذهب إلى السوبر ماركت أو المول لشراء كل شىء، وهكذا الحال فى الملابس والأحذية. بل وأيضاً للجلوس على المقاهى وتناول الأطعمة. فى الماضى التجول فى شوارع روكسى والكوربة للتسوق كان أيضاً نزهة، ولكن هذة الأيام لقلة الوقت والزحام نذهب إلى المولات للشراء و” للفسحة ” أيضاً. وطبعا لا أنسى إستخدام بطاقات الإئتمان التى تحملها حتى تشعر ” بأمان ” ثم تؤدى بك إلى ” عدم الإطمئنان ” 🙂
المطاعم والوجبات السريعة
حتى الأكل إتغير ياجدعان !!!! إسمحوا لى أن أتكلم عن هذا الجزء باللغة العامية لتوصيل رأيى. مصر كان فيها أكلات معينة وطعم وريحة معينة، وقصدى الأكل البيتى اللى كان زمان ليه طعم وكان الواحد وهو صغير بيحترم ميعاد الغداء. فاكرين لما كان الناس بتتغدى فترة الظهر، أنا فاكر كويس إلى الآن لما كنت بأرجع من المدرسة ونتغدى كلنا على السفرة أنا وأخويا وأمى وأبويا وكان الغداء بيبقى على الساعة 3 وكان دايما ميعاد ثابت وكلنا ملتزمين بيه، وحتى لما كبرت أيام دراستى للهندسة كنت بأرجع متأخر شوية فى بعض الأيام وكنت بأضطر أكل لوحدى. لكن فى الأيام دى تقريباً أفراد العائلة مابيتغدوش مع بعض، مش كل الناس ولكن نسبة كبيرة. وحتى الأكل بقى مالوش طعم زى زمان سواء فى الأكل نفسة (اللى أصبح معظمة صناعى أو بدائل من السوبر ماركيت أو مجمد أو أنواع أكلات سريعة التحضير دخيلة على المجتمع) أو الستات اليومين دول مابيعرفوش يطبخوا زى أمهاتهم (أو مش عايزين)، طبعا مش كلهم، فيه ستات بتعرف تتطبخ كويس.
لو قسمنا أنواع الأكل لنوعين: أكل بيتى وأكل مطاعم، وركزنا على المطاعم حنلاقى تحول كبير فى نوع وكيف وكم الأكلات فى المطاعم، بل وفى المطاعم نفسها. خد عندك مثلاً أول حاجة ، الفول والطعمية. لا جدال أن الفول والطعمية بياكلها كل المصريين، أغنياء وفقراء، متعلمين وجهلة، رجاله وستات لكن أنا فاكر زمان إن الطعمية كان كور وصغيرة وكانت مقرمشة (ومستوية) لكن اليومين دول بقت قرص كبير ومعجن وحتى طعمها باظ وكذلك الحال للفول.
زمان كان الأكل بره عبارة عن فول وطعمية، كشرى، سجق وكبدة، شاورمة، حواوشى …. وحاجات كده .. طبعاً مش قصدى على المطاعم التانية اللى فيها أكلات أخرى ، أنا قصدى على الحاجات اللى الناس كانت بتاكلها كتير وهما خارجين يتمشوا مثلاً. اليومين دول محلات الوجبات السريعة بقت فى كل حارة، تحت كل بيت ، دار دار زنجة زنجة. وأحجام السندويتشات بقت كبيرة واللحوم اللى فيها مالهاش طعم (إذا كانت لحوم أصلاً) لكن بيذودوا عليها بهارات وصلصات ومايونيز وكاتشاب وحاجات تانية الله أعلم بيها تفتح الشهية ، وأصبحت المياة الغازية متلازمة مع أى ساندويتش. كل ده سبب زيادة سمنة الأطفال (والكبار) وأمراض أخرى. عموماً اللى ماشفش أكل أيام زمان اللى كان ليه طعم مش حيفهم قصدى.
أنا تربيت وكبرت فى فترة السبعينيات والثمانينيات ، أشعر أننى عاصرت أخر أشياء كانت جميلة فى مصر. ألا ترى معى أن هناك أشياء كثيرة كانت جميلة فى مصر إندثرت؟ هذا لايعنى أن مصر ليس بها أشياء جميلة، بل بالعكس ، فمصر مازالت لها طعمها الخاص الذى يختلف عن أى مكان أخر ولكنى أفتقد أيام زمان.
أترك تعليقـك هنا